للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبول، وهذا اختلاف ولكن كل قد فعل ما عليه) (١).

قال القرطبي: (وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زال الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث وهم مع ذلك متآلفون) (٢).

وقال أحمد بن حفص السعدي -شيخ ابن عدي -: (سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا) (٣).

وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يكثر من قول: (اللهم من ضاق بنا صدره فإن قلوبنا قد اتسعت له، ويقول: من جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب) (٤).

فالإمام أحمد وأبو حنيفة وغيرهم لم تضق صدورهم بمعارضة مخالفيهم، أو جعل ذلك سببا في التقليل من شأنهم، بل أشادوا بهم واتسعت صدورهم لخلافهم، لحسن مقاصدهم ومقاصد من خالفهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن مشروعية التكبير والتهليل: (فشرع تكريره كما شرع تكرير تكبير الأذان وهو في


(١) الرسالة للإمام الشافعي، مسألة رقم ١٤٠٧ ص ٤٩٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي ج ٤ ص ١٩٤.
(٣) انظر سير أعلام النبلاء، ج ١١ ص ٣٧٠.
(٤) انظر تاريخ بغداد، ج ١٣ ص ٣٥٢.