للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوال اليهود والنصارى (١).

ولا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى. وكذلك الحاكم ولا فرق بين المفتي والحاكم إلا أن المفتي مخبر، والحاكم ملزم، والتساهل قد يكون بأن لا يتثبت ويسرع بالفتوى أو الحكم قبل استيفاء حقها من النظر والفكر، وربما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعة، والإبطاء عجز ومنقصة، وذلك جهل، فلأن يبطئ ولا يخطئ أجمل به من أن يعجل فيضل ويضل.

وقد يكون تساهله وانحلاله بأن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحظورة أو المكروهة. والتمسك بالشبه طلبا للترخص على من يروم نفعه أو التغليظ على من يريد ضره.

قال ابن الصلاح: ومن فعل ذلك فقد هان عليه دينه (٢).

وقال القرافي: لا ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان أحدهما فيه تشدد والآخر فيه تخفيف أن يفتي العامة بالتشديد والخواص من ولاة الأمور بالتخفيف، وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين والتلاعب بالمسلمين، وذلك دليل فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق (٣).


(١) الموافقات، ج ٤ ص ٢٢٢.
(٢) تبصرة الحكام، ج ١ ص ٥٢.
(٣) انظر تبصرة الحكام، ج ١ ص ٥٢.