للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عز من قائل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (١). ولا مراء في أن الإخلاص يمكن أن يحول عادات الإنسان من أكل وشرب وخلاف ذلك، إلى طاعة يثاب عليها الإنسان، والإخلاص يستلزم النية فلا تتحول العادات إلى عبادات إلا بالنية (٢) وإذا كان ذلك هو شأن الإخلاص في العادات، فإن الإخلاص أكثر ضرورة في العقيدة، فلا إيمان بمجرد ترديد ذلك باللسان ما لم يملأ الاعتقاد القلب (٣) ويطرد كل الشكوك، وإذا كان الإنسان ليس أهلا للنية فإنه لا تصح عبادته، فالمجنون لا صلاة له ولا عبادة أخرى، ولا تجب عليه الحدود، ولا تصح تصرفاته كبيعه ونكاحه (٤) كما أن الإخلاص يستلزم معرفة الإنسان حكم العمل قبل أن يقدم عليه، فالنية تستلزم العلم بالمنوي، والقصد يستلزم العلم بالمقصود (٥)، كما أن الإخلاص كاف لتحقق الثواب وإن لم يأت


(١) سورة الزمر الآية ٢
(٢) شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد ص ٦٦ (القاهرة تحقيق طه الزيني).
(٣) الملل والنحل للشهرستاني، ج ١ ص ١٤٥ - ١٥٤.
(٤) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، ج ١، ص ١٥١ (م. مؤسسة النور بالرياض).
(٥) د. صالح بن غانم السدلان، المرجع السابق ص ٦٧.