للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صاخب بدائع الصنائع (١):

(فصل) وأما طواف الصدر: فالكلام فيه يقع في مواضع، في بيان وجوبه، وفي بيان شرائطه، وفي بيان قدره وكيفيته، وما يسن له أن يفعله بعد فراغه منه، وفي بيان وقته، وفي بيان مكانه وحكمه إذا نفر ولم يطف.

أما الأول: فطواف الصدر واجب عندنا، وقال الشافعي سنة، وجه قوله مبني على أنه لا يفرق بين الفرض والواجب، وليس بفرض بالإجماع فلا يكون واجبا لكنه لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه على المواظبة، وأنه دليل السنة، ثم دليل عدم الوجوب أنا أجمعنا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء، ولو كان واجبا لوجب عليهما، كطواف الزيارة، ونحن نفرق بين الفرض والواجب على ما عرف، ودليل الوجوب ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف (٢)» ومطلق الأمر لوجوب العمل، إلا أن الحائض خصت عن هذا العموم بدليل، وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء الحيض ترك طواف الصدر لعذر الحيض ولم يأمرهن بإقامة شيء آخر مقامه وهو الدم، وهذا أصل عندنا في كل نسك جاز تركه لعذر أنه لا يجب بتركه من المعذور كفارة. والله أعلم.


(١) بدائع الصنائع، ج ٢، فقه حنفي (١٤٢، ١٤٣).
(٢) سنن الترمذي الحج (٩٤٦)، سنن أبو داود المناسك (٢٠٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤١٦).