للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسبال مطلقا، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (١)»، والحد في ذلك: هو الكعبان، فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل ملابسه عن الكعبين؛ للأحاديث المذكورة، أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها، وأما ما «ثبت عن الصديق -رضي الله عنه- أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده)، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لست ممن يصنعه خيلاء (٢)»، فالمراد بذلك: أن من استرخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد؛ لكونه لم يتعمد ذلك ولم يقصد الخيلاء ولم يترك ذلك، بل تعاهد رفعه وكفه.

وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه، فإنه متهم بقصد الخيلاء، وعمله وسيلة إلى ذلك، والله سبحانه هو الذي يعلم ما في القلوب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال، وشدد في ذلك، ولم يقل فيها إلا من أرخاها بغير خيلاء.


(١) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين) برقم (٥١٥١)، والبخاري في (المناقب) برقم (٣٦٦٥) واللفظ له، ورواه مسلم في (اللباس والزينة) برقم (٢٠٨٥).
(٢) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) برقم (٥٣٢٨)، والبخاري في (اللباس) برقم (٥٧٨٤).