للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (١).

وقال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} (٢) {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} (٣). قال ابن القيم: (. . . وحقيقة التوكل: القيام بالأسباب والاعتماد بالقلب على المسبب، والاعتقاد أنها بيده، فإن شاء منعها اقتضاءها، وإن شاء جعلها مقتضية لضد أحكامها، وإن شاء أقام لها موانع وصوارف تعارض اقتضاءها وتدفعه.

فالموحد المتوكل: لا يلتفت إلى الأسباب، بمعنى أنه لا يطمئن إليها، ولا يرجوها، ولا يخافها، فلا يركن إليها، ولا يلتفت إليها، بمعنى أنه لا يسقطها ولا يهملها ويلغيها؛ بل يكون قائما بها، ملتفتا إليها ناظرا إلى مسببها - سبحانه - ومجريها.

فلا يصح التوكل - شرعا وعقلا - إلا عليه سبحانه وحده، فإنه ليس في الوجود سبب تام موجب إلا مشيئته وحده، فهو الذي سبب الأسباب، وجعل فيها القوى والاقتضاء لآثارها، ولم يجعل منها سببا يقتضي وحده أثره؛ بل لا بد معه من سبب آخر يشاركه، ويجعل لها أسبابا تضادها وتمانعها، بخلاف مشيئته سبحانه، فإنها لا تحتاج إلى أمر آخر، ولا في الأسباب الحادثة ما يبطلها، ويضادها، وإن كان الله سبحانه قد يبطل حكم مشيئته


(١) سورة التغابن الآية ١٣
(٢) سورة المزمل الآية ٨
(٣) سورة المزمل الآية ٩