للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يحيى بن معاذ: إلهي، أحلى العطايا في قلبي رجاؤك، وأعذب الكلام على لساني ثناؤك، وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك (١).

وقال ابن القيم: (وعلى حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء، فكل محب راج، خائف بالضرورة، فهو أرجى ما يكون لحبيبه، أحب ما يكون إليه، وخوفه فإنه يخاف سقوطه من عينه، وطرد محبوبه له وإبعاده، واحتجاجه عنه، فخوفه أشد خوف، ورجاؤه ذاتي للمحبة؛ فإنه يرجوه قبل لقائه والوصول إليه، فإذا لقيه ووصل إليه اشتد الرجاء له، لما يحصل له به من حياة روحه، ونعم قلبه من ألطاف محبوبه، وبره وإقباله عليه، ونظره إليه بعين الرضا، وتأهيله في محبته، وغير ذلك مما لا حياة للمحب ولا نعيم ولا فوز إلا بوصوله إليه من محبوبه، فرجاؤه أعظم رجاء، وأجله وأتمه) (٢).

والعبد يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء.

والرجاء يبعث العبد إلى أعلى مقامات العبودية وهو الشكر.

والرجاء إذا انقطعت عنه الموانع، واستبان للعبد الطريق، طمع بالوصول وصارت حاله حال المعاين، فتتجمع له قوى الظاهر والباطن على قصد الوصول والعزم عليه لمشاهدته ما هو سائر إليه، هكذا عادة المسافر أنه إذا عاين القرية التي يريد


(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٥ - ٣٦)، تهذيب المدارج ص (٢٩٧).
(٢) تهذيب مدارج السالكين ص (٢٩٩).