للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، ففيه أيضا أنه غير محفوظ بما روى البيهقي في السنن عن فضالة بن عبيد، قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود الأوقية من الذهب بالدينارين والثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن (١)» ففي هذا الحديث ليس للقلادة ذكر، وليس فيه النهي عن بيع ما لم يفصل، بل فيه النهي عن بيع الذهب بالدينار إلا مماثلا. وأما ما قال الحافظ من أنه ينبغي الترجيح بين رواتها، وإن كان الجميع ثقات، فنحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم. ففيه إنهم إذا كانوا كلهم سواء في الحفظ والضبط فكيف الترجيح. وأيضا لا يجوز تغليط ثقة لأن عليه الاعتماد.

فعلى هذا لا حجة في هذا الحديث لاضطرابه، وكيف وفيه حرج عظيم ومشقة على الأمة، إذا حكم بفصل الذهب والفضة عن الأشياء التي تحلى بالذهب والفضة، لأن بعض الأشياء بعد نزوع الذهب والفضة منها ينقص قيمتها كثيرا، بل بعضها لا يكون لها قيمة. فكيف يحكم بهذا الشارع، ويحكم بإبطال الصنع وهو حكيم؟) اهـ.

أقول: في اعتراضه رحمه الله بقوله: ففيه إنهم إذا كانوا كلهم سواء في الحفظ والضبط فكيف الترجيح؟ في قوله هذا نظر ملخصه: هل تحقق أن رواة هذه الروايات المختلفة كلهم سواء في الحفظ والضبط؟ كما أن قوله: لا يجوز تغليط ثقة لأن عليه الاعتماد، ليس على إطلاقه؛ بل إذا روى الثقة حديثا يخالف ما


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩١)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٩).