للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الوصايا الموروثة المتنوعة، والآثار المحفوظة المنقولة، وطرائق الحق المسلوكة، والدلائل اللائحة المشهورة، والحجج الباهرة المنصورة التي عملت عليها الصحابة والتابعون ومن بعدهم من خاصة الناس وعامتهم من المسلمين، واعتقدوها حجة فيما بينهم وبين الله رب العالمين، ثم من اقتدى بهم من أئمة المهتدين، واقتفى آثارهم من المتبعين، واجتهد في سلوك سبيل المتقين، وكان مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فمن أخذ في مثل هذه المحجة، وداوم بهذه الحجج على منهاج الشريعة أمن في دينه التبعة، ومن أعرض عنها وابتغى من غيرها مما يهواه أو يروم سواها مما تعداه، أخطأ في اختيار بغيته وأغواه، وسلكه في سبيل الضلالة، وأرداه في مهاوي الهلكة.

وبعد هذه المقدمة الحافلة المستقاة من مقدمة اللالكائي لكتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)، أدلف إلى المقصود منها بالتقديم لهذه المسألة المباركة للإمام الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، في موضوع جلل، عظم وزلت به القدم، وهو بدعة القول بخلق القرآن، وإنكار كلام منزل الفرقان، والتي يتلوها رسالة شيخه المبجل الإمام العلم أحمد بن حنبل في رسالته الجامعة لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين المتوكل، في ذات الموضوع، لما صبر فيه على المحنة، فكافأه الله بعد ذلك في الدنيا العزة والرفعة، وفي الآخرة إن شاء الله المنزلة الرفيعة مع الصديق في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.