للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأمر الثالث

وقد يسترشد فيه بالقرآن وأقوال الفقهاء قال الله تعالى {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ} (١) في هذه الآية خطاب من الله للناس في كل مكان أن يولوا وجوههم قبل المسجد الحرام سواء منهم من كان بأرض منخفضة عن المسجد الحرام فيكون مستقبلا في صلاته لتخوم أرضه ومن كان منهم بمكان مرتفع عن سطح الكعبة، فيكون مستقبلا لما فوق الكعبة من الهواء، فدل ذلك على أن حكم ما تحت البيت الحرام من تخوم الأرض وما فوقه من الهواء في استقبال القبلة في الصلاة حكم استقبال البيت نفسه. وفيما يلي نقول عن بعض أهل العلم في الموضوع:

قال السرخسي: ومن صلى على سطح الكعبة جازت صلاته عندنا وإن لم يكن بين يديه ستره، وقال الشافعي: لا يجوز إلا أن يكون بين يديه سترة بناء على أصله أن البناء معتبر في جواز التوجه إليه للصلاة ثم قال: وعندنا القبلة هي الكعبة فسواء كان بين يديه سترة أم لم يكن فهو مستقبل القبلة، وبالاتفاق من صلى على أبي قبيس جازت صلاته وليس بين يديه شيء من بناء الكعبة فدل على أنه لا معتبر للبناء. اهـ (٢).

وقال المرغيناني (٣): " ومن كان غائبا ففرضه إصابة جهتها هو الصحيح لأن التكليف بحسب الوسع.

وقال ابن الهمام تعليقا على قول المرغيناني: إصابة جهتها. قال: قوله " إصابة جهتها " في الدراية عن شيخه ما حاصله أن استقبال الجهة أن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها لأن المقابلة إذا قعت في مسافة بعيدة لا تزول بما يزول به من الانحراف لو كانت مسافة قريبة، وبتفاوت ذلك بحسب تفاوت


(١) سورة البقرة الآية ١٤٩
(٢) المبسوط ج٢ ص٧٩.
(٣) الهداية وعليها فتح القدير ج١ ص١٨٩.