للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزكاة؛ لأنه ما كان ليفعل هذا منهم في ذلك الحين إلا من نوى الإسلام، وارتضاه بكامل شروطه، وكامل معناه، وفي أولها الدينونة لله وحده، وشهادة أن لا إله إلا الله والاعتراف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم بشهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فليست هذه الآية بصدد تقرير حكم فقهي، إنما هي بصدد إجراء واقعي له ملابساته " (١).

ومع تقديرنا واحترامنا لصاحب الظلال، فنرى أن الآية قد تضمنت حكما فقهيا، وهو عدم القتل وعصمة أموالهم، وذلك من منطلق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم (٢)». . . إلخ.

فهذا الحديث أمر من الله تعالى بمقاتلتهم وسفك دمائهم وغنيمة أموالهم، ثم جاءت الآية، وكأنها تقول للرسول صلى الله عليه وسلم: كف عن قتلهم وأخذ أموالهم، بقوله تعالى: {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (٣) وهل التخلية إلا الكف والمنع؟ فكيف لا تكون الآية متضمنة حكما فقهيا، وإذا كانت هذه الآية قد تضمنت "التخلية" لينطلقوا إلى حال سبيلهم، فإن الآية التي جاءت بعدها في نفس السورة قد أوجبت على المسلمين مؤاخاتهم في الدين ومراعاتهم في شئون الحياة، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٤)


(١) راجع في ظلال القرآن لسيد قطب، ٣/ ١٦٠١، ١٦٠٢
(٢) سبق تخريج هذا الحديث قريبا من هذا
(٣) سورة التوبة الآية ٥
(٤) سورة التوبة الآية ١١