للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجوع عن كتمانهم الشهادة له الواردة في كتبهم، وإطلاق التوبة على الإيمان بعد الكفر وارد كثيرا في كتاب الله؛ لأن الإيمان هو توبة الكافر من الكفر، وإنما زاد بعده {وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} (١) لأن شرط كل توبة أن يتدارك التائب ما يمكن تداركه مما أضاعه بفعله الذي تاب عنه " (٢).

ثانيا: قال الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (٣).

قال الإمام القرطبي: فآذوهما قال قتادة والسدي: معناه التوبيخ والتعيير، وقالت فرقة: هو السب والجفاء دون تعيير، قال ابن عباس: النيل باللسان والضرب بالنعال.

واختلف العلماء في تأويل قوله تعالى: واللاتي وقوله: واللذان فقال مجاهد وغيره: الآية الأولى في النساء عامة محصنات وغير محصنات، والآية الثانية في الرجال خاصة، وبين لفظ التثنية صنفي الرجال من أحصن ولم يحصن، فعقوبة النساء الحبس، وعقوبة الرجال الأذى، وهذا قول يقتضيه اللفظ، ويستوفي نص الكلام أصناف الزناة، ويؤيده من جهة اللفظ قوله في الأولى: من نسائكم وفي الثانية: منكم.

وقوله تعالى: فإن تابا أي: من الفاحشة.

وأصلحا يعني العمل فيما بعد ذلك. فأعرضوا أي:


(١) سورة البقرة الآية ١٦٠
(٢) تفسير ابن عاشور، ٢/ ٧٢.
(٣) سورة النساء الآية ١٦