للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى ذكر الجريمة والعقوبة، وذكر التوبة والمغفرة، ويعقب السياق القرآني بالمبدأ الكلي الذي تقوم عليه شريعة الجزاء في الدنيا والآخرة، فخالق هذا الكون ومالكه هو صاحب المشيئة العليا فيه، وصاحب السلطان الكلي في مصائره، هو الذي يقرر مصائره ومصائر من فيه، كما أنه هو الذي يشرع للناس في حياتهم، ثم يجزيهم على عملهم في دنياهم وآخرتهم (١).

ونأخذ مما قاله ابن عاشور، والقرطبي، وسيد قطب، من مضامين هذه الآية النقاط التالية:

أ- أن حكم الحرابة مباين لحكم السارق، وأن توبة السارق لا تسقط عنه الحد.

ب- أن الندم توبة، والتوبة ليست عملا سلبيا تقف عند الإقرار بالذنب، والإنابة إلى الله، والتوبة إليه، بل يجب أن تتحول إلى عمل إيجابي يتمثل في عمل الصالحات، والكف عن المحرمات والمساهمة الفعلية في إقامة شرع الله في الأرض.

ج- أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لهذا الكون بكل ما فيه وعليه {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} (٢) ما دام الأمر كذلك فهو المتصرف الحاكم لخلقه {يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (٣) فلا يتحركون إلا بأمره، ولا يتوبون إلا


(١) في ظلال القرآن لسيد قطب، ٢/ ٨٨٦
(٢) سورة فاطر الآية ٣
(٣) سورة الشورى الآية ١٣