للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن العربي: أما قولهم: إن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتحق به غيره، فهو كلام جاهل بالقرآن غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدين، فإن الخطاب في القرآن لم ترد بابا واحدا ولكن اختلف موارده. فمنها خطاب توجه إلى جميع الأمة كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (١) وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (٢) ونحوه. ومنها خطاب خص به ولم يشركه فيه غيره لفظا ولا معنى، كقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (٣)، وقوله: {خَالِصَةً لَكَ} (٤). ومنها خطاب خص به لفظا وشركه جميع الأمة معنى وفعلا، كقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (٥). الآية، وقوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (٦)، وقوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (٧). فكل من دلكت عليه الشمس مخاطب بالصلاة. وكذلك كل من قرأ القرآن مخاطب بالاستعاذة. وكذلك من خاف يقيم الصلاة (بتلك الصفة). ومن هذا القبيل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} (٨) وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى:


(١) سورة المائدة الآية ٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٣
(٣) سورة الإسراء الآية ٧٩
(٤) سورة الأحزاب الآية ٥٠
(٥) سورة الإسراء الآية ٧٨
(٦) سورة النحل الآية ٩٨
(٧) سورة النساء الآية ١٠٢
(٨) سورة التوبة الآية ١٠٣