للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسائل سأل أهل العلم عن دليله أو عن معنى ما أشكل عليه فهمه من الدليل؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (١) فعم الله بذلك السؤال عن الدليل وعما أشكل فهمه منه، وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى، فقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (٢)، ولا شك أن التعاون على الوصول إلى أدلة الشريعة وإلى فهم ما خفي معناه منها من أول ما يدخل في معنى هذه الآية وأمثالها، وقد كان هذا شأن الصحابة رضي الله عنهم، فقد كان بعضهم يسأل بعضا عما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا ويسأل عما خفي عليه من معاني الأدلة أحيانا.

أما من كان أميا أو متعلما لكنه قاصر في استعداده الفكري أو محصوله العلمي فلا سبيل له إلا أن يسأل غيره من أهل الذكر، وهم أهل العلم بالشريعة؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣) وهذا أمر يشهد له الواقع، وجرت به السنة الكونية في الناس، وإن ظنوا أنهم من المجتهدين، فليسلكوا طريقه، وليتعلموا، وليدربوا أنفسهم على البحث، وليسلكوا منهج من سبقهم من العلماء، ولينتفعوا بالثروة العلمية التي ورثوها حتى يؤتيهم الله من فضله علما نافعا وقوة على استخلاص الأحكام من أدلتها، فعند ذلك يمكنهم الاجتهاد ولو في بعض المسائل.

ومن أراد المزيد في مسألة الاجتهاد والتقليد فليرجع إلى ما


(١) سورة الأنبياء الآية ٧
(٢) سورة المائدة الآية ٢
(٣) سورة الأنبياء الآية ٧