للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يتوهم بعض الباحثين أن العلاقة بين ربا القرآن الكريم - الديون- وربا السنة- البيوع- هي علاقة التباين، فالتمسوا لربا الفضل حكما تختلف عن حكمة تحريم ربا الديون، وكانت هذه الحكم تتنافى مع يسر الشريعة وإباحتها للمسلم التمتع في مباهج الحياة والحلال الطيب من المتاع مما يشي بتسرب شيء من تعاليم الكنيسة في الحجر والتضييق.

ولو صدقت هذه الحكم لما رخص النبي صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا توسعة لمن اشتهى الرطب، مما يدل على أن المقصود حظر طريقة معينة في التعامل، وليس حظر الحصول على الجيد من الطعام، وقد أصاب ابن القيم عندما أشار إلى أن تحريم الفضل إنما هو لسد الذريعة إلى ربا النسيئة، وهو ما يؤكده الشاطبي في حديثه عن حكمة التحريم.

والحقيقة أن حكمة التحريم واحدة في ربا القرآن وربا السنة، هي: منع الظلم الذي دلت عليه آيات الربا نصا في أكثر من موضع، وأن اختصاص الأصناف الستة بالذكر ليس لذواتها أو لصفات معينة فيها، بل مراعاة للواقع حيث كانت تمثل ما يجري به التعامل الفعلي (فيما يكال ويوزن، أو في السن كالحيوان) ويؤكد ذلك نصوص العهد القديم والجديد في الديانات السابقة.

ولقد جاءت الأوامر بالزكاة في القرآن الكريم دون تحديد أصناف الأموال التي تخرج منها، وفصلت السنة ذلك، ولم يقل أحد بالتفريق بين الزكاة في القرآن الكريم والزكاة في السنة النبوية، فيجب أن ينسحب ذلك على الربا، فليس في المحرمات