للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثالث

[الأوراق النقدية فلوس]

يتلخص هذا الرأي في أن الأوراق النقدية كالفلوس في طروء الثمنية عليها فما ثبت للفلوس من أحكام الربا والزكاة والسلم وغيرها ثبت للأوراق النقدية مثلها، ويوجه أصحاب هذا القول رأيهم بأن الأوراق النقدية عملة رائجة أعيانها بما رقم عليها رواج النقدين بقيمتها المرقومة عليها، وليست ذهبا ولا فضة، وإنما هي كالفلوس، ولكنهم اختلفوا في مقتضيات هذا القول فمنهم من لم يلحقها بالنقدين مطلقا، فلم يوجب فيها الزكاة إلا بنية التجارة، ولم يجر فيها الربا بنوعيه، ومنهم من فصل فألحقها بالنقدين في وجوب الزكاة وجريان ربا النسيئة فيها للإجماع على حرمته واعتراف من حرم ربا الفضل بأن حرمة ربا النسيئة أشد إثما من ربا الفضل ولدخول النسيئة في الأنواط في عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} (١) ولأن مفسدة بيع عشرة أنواط باثني عشر منها بأحد النقدين إلى أجل لا تقل عن مفسدة بيع عشرة دنانير ذهبا باثني عشر دينارا، وتكاد معرفة الفساد فيهما تكون ضرورية.

وأباح هؤلاء ربا الفضل في الأنواط فأجازوا بيع بعضها ببعض أو بأحد النقدين مع التفاضل إذا كان ذلك يدا بيد؛ لأن ربا الفضل حرم تحريم الوسائل، ولكونها غير نقود حقيقية ولموضع الحاجة، ونظير هذا أن بعض العلماء أجاز بيع الفلوس بعضها ببعض أو بأحد النقدين مع التفاضل إذا كان يدا بيد ومنع من ذلك مؤجلا، ولأن ربا الفضل أبيح منه ما تدعو إليه الحاجة كبيع العرايا، ولأن بعض العلماء أجاز بيع الحلي من الذهب بالدنانير وبيع الحلي من الفضة بالدراهم متفاضلا يدا بيد فجعلوا للصنعة أثرا.

مناقشة هذا القول:

١ - إن قياس الأوراق النقدية بالفلوس قياس مع الفارق، ويتبين ذلك فيما يأتي:


(١) سورة آل عمران الآية ١٣٠