للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" مذهب الحنفية في ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم "

ثم ذكر آراء الفقهاء في الموضوع فقال: جاء في (ص٩٧ من الجزء الثاني من العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية) لابن عابدين الشهير صاحب الحاشية الشهيرة على الدر المختار ما نصه:

وسئل في ذبيحة العربي الكتابي هل تحل مطلقا أولا؟.

(الجواب) تحل ذبيحة الكتابي لأن شرطها كون الذابح صاحب ملة التوحيد حقيقة كالمسلم أو دعوة كالكتابي ولأنه مؤمن بكتاب من كتب الله تعالى وتحل مناكحته فصار كالمسلم في ذلك ولا فرق في الكتابي بين أن يكون ذميا يهوديا، حربيا أو عربيا أو تغلبيا لإطلاق قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (١) والمراد بطعامهم مذكاهم.

قال البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "طعامهم ذبائحهم" ولأن مطلق الطعام غير المذكى يحل من أي كافر كان بالإجماع، فوجب تخصيصه بالمذكى، وهذا إذا لم يسمع من الكتابي أنه سمى غير الله كالمسيح والعزير وأما لو سمع فلا تحل ذبيحته لقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٢) وهو كالمسلم في ذلك.

وهل يشترط في اليهودي أن يكون إسرائيليا وفي النصراني أنه لا يعتقد أن المسيح إله؟ له مقتضى إطلاق الهداية وغيرها وعدم الاشتراط وبه أفتى الجد في الإسرائيلي وشرط في المستصفى لحل مناكحهم عدم اعتقاد النصراني ذلك وكذلك في المبسوط فإنه قال: ويجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إن اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيرا إله ولا يتزوجوا نساءهم، لكن في مبسوط شمس الأئمة: وتحل ذبيحة النصراني مطلقا سواء قال ثالث ثلاثة أو لا، ومقتضى إطلاق الآية الجواز كما ذكره التمرتاشي في فتاواه. والأولى أن لا تؤكل ذبيحتهم ولا يتزوج منهم إلا للضرورة كما حققه الكمال بن الهمام، والله ولي الإنعام، والحمد لله علي دين الإسلام، والصلاة والسلام على محمد سيد الأنام.

وقال العلامة قاسم في رسائله: قال الإمام ومن دان دين اليهود والنصارى من الصابئة


(١) سورة المائدة الآية ٥
(٢) سورة المائدة الآية ٣