للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية في طعام أهل الكتاب]

جاء في كتاب " الذبائح " من (المدونة) ما نصه:

قلت: أفتحل لنا ذبائح نساء أهل الكتاب وصبيانهم؟.

قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إذا حل ذبائح رجالهم فلا بأس بذبائح نسائهم وصبيانهم إذا أطاقوا الذبح.

قلت: أرأيت ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم أيؤكل؟.

قال: قال مالك: أكرهه ولا أحرمه. وتأول مالك فيه {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (١) وكان يكرهه من غير أن يحرمه.

قلت: أرأيت ما ذبحت اليهود من الغنم فأصابوه فاسدا عندهم لا يستحلونه لأجل الرئة وما أشبهها التي يحرمونها في دينهم أيحل أكله للمسلمين؟.

قال: كان مالك يجيزه فيما بلغني أ. هـ.

(والمدونة) عند المالكية أصل المذهب فهي كالأم عند الشافعية.

وجاء في كتاب أحكام القرآن للإمام عبد المنعم بن الفرس الخرزجي الأندلسي المتوفى سنة ٥٩٩ ما نصه: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) اتفق على أن ذبائحهم داخلة تحت عموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (٣) فلا خلاف في أنها حلال لنا وأما سائر أطعمتهم مما يمكن استعمال النجاسات فيه كالخمر والخنزير. فاختلف فيه فذهب الأكثرون إلى أن ذلك من أطعمتهم. وذهب ابن عباس إلى أن الطعام الذي أحل لنا ذبائحهم، فأما ما خيف منهم استعمال النجاسة فيه فيجب اجتنابه.

وإذا قلنا إن الطعام يتناول ذبائحهم باتفاق فهل يحمل لفظه على عمومه أم لا؟.

فالأكثر إلى أن حمل لفظ الطعام على عمومه في كل ما ذبحوه مما أحل الله لهم أو حرم الله عليهم أو حرموه على أنفسهم وإلى نحو هذا ذهب ابن وهب وابن عبد الحكم.

وذهب قوم إلى أن المراد من ذبائحهم ما أحل الله خاصة، وأما ما حرم الله عليهم بأي وجه


(١) سورة الأنعام الآية ١٤٥
(٢) سورة المائدة الآية ٥
(٣) سورة المائدة الآية ٥