للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه فإن أحكام السفر تثبت لكل حاج ومعتمر جاء من مسافة لا تقل عن ثمانية وأربعين ميلا عن مكة، ومنها أن صلاة العيد غير لازمة له، وكذلك صلاة الجمع والجماعات.

أما الحاج أو المعتمر الذي لا تنطبق عليه أحكام السفر، فتلزمه صلاة العيد سواء كان من مكة أو من مسافة تقل عن ثمانية وأربعين ميلا، لأنه لا يعد مسافرا، ولا يعاني من مشقة السفر التي من أجلها شرعت هذه الرخصة، وهذا قول بعض أهل العلم (١)، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: «يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد، من مكة إلى عسفان» وفي رواية أخرى: «أتموا فإنا قوم سفر (٢)».

وقال الإمام مالك وبعض أهل العلم: إنه يجوز لهم القصر كما جاز لهم الجمع بعرفات ومزدلفة، فلا تلزمهم بناء على هذا القول صلاة العيد، لكنهم أجيبوا على ذلك بأنهم قوم غير سفر بعيد لا يجوز لهم القصر قياسا على غيرهم ممن لم يكونوا في عرفات ومزدلفة، وكذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث


(١) انظر محمد الشربيني الخطيب، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٧٢، وابن قدامة في المغني، ج ٥، ص ٢٦٢، ٢٦٣
(٢) سنن الترمذي الجمعة (٥٤٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٢٩).