للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السابق: «يا أهل مكة أتموا الصلاة (١)».

وكذلك لا يجوز لهم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر كما جاز للمسافرين في السفر البعيد، ولا الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء عدا في يوم الوقفة بعرفة، فيجوز لهم أن يجمعوا بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم، ويجوز لهم أيضا أن يجمعوا بين المغرب والعشاء إذا دفعوا من عرفات إلى مزدلفة جمع تأخير، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن حضره من مكيين وغيرهم، وهذا قول الجمهور.

وقال قوم آخرون: لا يجوز الجمع إلا لمن يبعد موطنه عن مكة ثمانية وأربعين ميلا فأكثر لأن الثمانية والأربعين ميلا هي أقل مسافة تقصر فيها الصلاة. وقد أجيبوا على ذلك بجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفات ومزدلفة، ومن حضره من المكيين وغيرهم، ولو لم يكن الجمع جائزا لهم لأمرهم بتركه، كما أمرهم بالإتمام، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. وهذا كذلك فعل عثمان رضي الله عنه بعد أن اتخذ أهلا بمكة، فقد أتم في غير عرفات ومزدلفة الصلاة، وجمع وقصر في عرفات ومزدلفة، وكذلك فعل عبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز عندما كان واليا على مكة (٢).


(١) موطأ مالك النداء للصلاة (٣٤٩).
(٢) ابن قدامة، المرجع السابق، ج هـ، ص ٢٦٢، ٢٦٣.