للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأليفه

ألف: أبو داود كتابه " السنن " في وقت مبكر، وعني بتأليفه وترتيبه عناية بالغة، وأعاد النظر فيه مرات متعددة. هذا أمر لا شك فيه.

أما كونه ألفه في وقت مبكر فيدلنا على ذلك ما ذكره مترجمو أبي داود من أن المؤلف روى كتابه " السنن " ببغداد ونقله عن أهلها، ويقال: إنه صنفه قديما وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه، والإمام أحمد متوفى سنة ٢٤١ هـ.

وقد يمكننا هذا النص أن نفهم أنه ألف الكتاب قبل أن يأتي بغداد، ولعله ألفه في طرسوس، لأنه جاء في أخباره أنه ألف المسند بطرسوس ومكث في ذلك مدة طويلة يبذل جهده في الاختيار والانتقاء والتبويب والترتيب. قال محمد بن صالح الهاشمي (١).

(قال أبو داود: أقمت بطرسوس عشرين سنة أكتب المسند، فكتبت أربعة آلاف حديث، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة آلاف على أربعة أحاديث لمن وفقه الله) ثم ذكر الأحاديث.

وواضح أنه يريد بالمسند كتابه " السنن " لأن قريبا من هذا النص نقله عنه ابن داسة مصرحا فيه بذكر السنن (٢)، وعدد أحاديث كتاب " السنن " قريب من هذا الرقم.

ومما يؤكد لنا أن تأليفه كان في وقت مبكر من حياته النظر في مجموع أخباره فهناك ما يدل على أن الرجل بذل به عناية فائقة وأنفق في ذلك مدة طويلة وأنه عرض هذا الكتاب بعد تمامه على الإمام أحمد المتوفى سنة ٢٤١ فإذا كان أبو داود قد ولد سنة ٢٠٢ واستغرق مدة عشر سنوات في تأليفه وافترضنا أنه عرضه عليه قبل وفاته بخمس سنوات، فيكون عمر المؤلف عند ذلك بضعا وعشرين سنة، أي في وقت النشاط والقدرة. وهذا وقت مبكر جدا.


(١) " تهذيب الأسماء واللغات " للنووي ٢/ ٢٢٤.
(٢) انظر خبر ابن داسة فيما يأتي ص ٢٣٨ وقد سبق أن وردت هذه الأحاديث ص ٢٢٨.