للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الضعيف في سنن أبي داود]

في كتاب " السنن " كما اتضح لنا أحاديث ضعيفة، صرح أبو داود نفسه بضعف بعضها ولم يصرح بتضعيف بعضه الآخر؛ إما لأن ضعفها محتمل عنده وليس بشديد، إما لأنه صرح في غير " السنن " بضعفها كما ذكر ذلك الأستاذ أحمد شاكر في النص الذي أوردناه قبل قليل (١).

فالأحاديث التي صرح بضعفها أمرها هين، وكذلك الأحاديث التي سكت عنها وأخرجها الشيخان أو أحدهما فهي صحيحة، أما الأحاديث التي سكت عنها وليست من هذا القبيل ولا ذاك فإننا نستطيع أن نحكم عليها بالنظر في أسانيدها، فما حكم له سنده بالصحة كان صحيحا وما حكم له سنده بالضعف كان ضعيفا.

ومن الجدير بالذكر أن ننوه هنا بأن المنذري وابن الصلاح وغيرهما ذكروا أن محمد بن إسحاق بن منده الحافظ حكى أن شرط أبي داود والنسائي إخراج حديث أقوام لم يجتمع على تركهم، ويحكون عن أبي داود أنه قال: (ما ذكرت في كتابي حديثا اجتمع الناس على تركه).

وهذا الذي يحكونه عن أبي داود أدق من كلمته الواردة في رسالته إلى أهل مكة وهي (وليس في كتاب السنن عن رجل متروك الحديث شيء) إذ قد أخرج عن أبي جناب الكلبي (٢) ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني (٣) وهما من المتروكين وإن وجد من يزكيهما، فلا يعد أمثالهما من المجتمع على تركهم.

وروي عن جابر الجعفي فقد أخرج له الحديث رقم ١٠٣٦ ونصه «إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس فإن استوى قائما فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو (٤)» ثم قال عقبه: (وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث) (٥).

وقد ترجم الذهبي في " الميزان " لجابر هذا وذكر ما يدل على ضعفه واتهامه (٦) وذكر أبو داود في كتابه السنن عمرو بن ثابت (٧) وهو رافضي، وقد قرر ذلك أبو داود نفسه فقال بعد أن أورد الحديث رقم ٢٨٧: (ورواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل. . .) ثم قال: (قال أبو داود: وعمرو بن ثابت رافضي رجل سوء ولكنه كان صدوقا في الحديث) (٨).


(١) وانظر أيضا كلام الحافظ الذهبي الذي أوردته في ص ٢٤٥.
(٢) انظر " الميزان " ٤/ ٣٧١.
(٣) انظر " الميزان " ٣/ ٦١٧.
(٤) سنن الترمذي الصلاة (٣٦٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٠٣٦)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٤٧)، سنن الدارمي الصلاة (١٥٠١).
(٥) انظر " سنن أبي داود " ١/ ٣٧٣ - ٣٧٤.
(٦) انظر " الميزان " ١/ ٣٧٩.
(٧) انظر ترجمته في " الميزان " ٣/ ٢٤٩.
(٨) انظر " السنن " ١/ ٣٣٠.