للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لماذا أورد في كتابه الضعيف

أورد أبو داود بعض الأحاديث الضعيفة في كتابه للأمور الآتية:

١ - لأن طريقته في التصنيف هي أن يجمع كل الأحاديث التي تتضمن أحكاما فقهية ذهب إلى القول بها عالم من العلماء.

٢ - لأنه كان يرى أن الحديث الضعيف إن لم يكن شديد الضعف أقوى من رأي الرجال ومن القياس (حكى ابن منده أنه سمع محمد الباوردي يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه قال ابن منده: وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال) (١).

وحكى ابن العربي عن أبي داود أنه قال لابنه:

(إن أردت أن أقتصر على ما صح عندي لم أر من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقي في الحديث أني لا أخالف ما يضعف إلا إذا كان في الباب ما يدفعه) (٢).

٣ - أما إذا كان الحديث شديد الضعف فإنما يورده ليدل على عدم تبنيه لمضمونه، وكأنه بذلك يرد على الآخرين به قائلا: ليس لكم دليل بهذا الحديث على رأيكم لأن الحديث شديد الضعف. ومثال ذلك ما جاء في باب النهي عن التلقين (٣) حيث عقد الباب على حديث ضعيف ولم يورد في الباب غيره، فقد جاء بالحديث رقم ٩٠٨ فقط وهو: (عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي! لا تفتح على الإمام في الصلاة (٤)» قال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها) (٥).

أي أن الحديث منقطع، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الحارث نفسه متهم بالكذب عرفنا أن الحديث شديد الضعف.


(١) " علوم الحديث " ٣٣ - ٣٤ تدريب الراوي ٩٧ " توجيه النظر " ١٥٠.
(٢) " المنهل العذب المورود " للشيخ محمود خطاب السبكي ١/ ١٨.
(٣) انظر " السنن " ١/ ٣٣٠.
(٤) سنن أبو داود الصلاة (٩٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٤٦).
(٥) انظر " السنن " ١/ ٣٣٠.