للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - عمومية الرسالة والشريعة لكل أجناس البشر:

كانت الرسالات السابقة لرسالة محمد - صلى الله عليه وسلم رسالات خاصة لأقوام بعينهم وجماعات محددة، ولهذا فإن القرآن حين يتحدث عن قصص الأنبياء والرسل عليهم السلام يقول {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (١) {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} (٢) {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} (٣) {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} (٤) وهكذا فكل نبي يبعث إلى قومه وطائفة من الناس وتكون مهمته محصورة في هداية هؤلاء القوم وردهم إلى جادة الحق. وكانت رسالاتهم محددة بحدود الزمان والمكان والقوم.

أما رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنها جاءت من عند الله عامة لكل أجناس البشر بل للجن والإنس، لا يختص بها قوم ولا جماعة ولا هي محدودة بظروف المكان أو الزمان أو البشر، بل هي دين الله الباقي الخالد حتى يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (٥) وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (٦).

وهي وإن اختص الله بها العرب فجعلها في نبي منهم، واختار لسانهم ترجمانا لهذه الرسالة فإنه شرف لهذه الجماعة البشرية؛ والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهو شرف مرتبط بالقيام بهذا الدين، ولكنها جاءت عامة للعرب والعجم على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وعاداتهم وثقافاتهم، ثم إنها جاءت رسالة خاتمة لجميع الرسالات، ناسخة لكل الشرائع، باقية لا يلحقها نسخ ولا تغيير ولا تبديل، ولهذا كله يستلزم أن تكون نصوص الشريعة وما يؤخذ منها من أحكام وقواعد


(١) سورة الأعراف الآية ٥٩
(٢) سورة الأعراف الآية ٦٥
(٣) سورة الأعراف الآية ٧٣
(٤) سورة الأعراف الآية ٨٥
(٥) سورة الأعراف الآية ١٥٨
(٦) سورة سبأ الآية ٢٨