للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأحب أن يغفر الله لي! فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا! (١)

إن لصلة الرحم في شرع الله منزلة عظيمة ومزية شريفة، وقد تكاثرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب رعايتها والتحذير من قطعها والتفريط فيها، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم (٣)»

والإحسان إلى الأرحام والأقارب مشروع بجميع وجوهه وصوره، شامل لزيارتهم وتفقد أحوالهم والإنفاق عليهم عند الحاجة، وقضاء مصالحهم، وتعليم جاهلهم، واحترام كبيرهم، والذب عن أعراضهم، وتحمل زلاتهم - ولا يسقط هذا الحق ولو بدرت منهم إساءة، ولهذا جاء في الحديث «أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي! فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك (٤)».


(١) راجع ص ٢٩٨.
(٢) أخرجه البخاري ٥/ ٢٢٣٢ ح ٥٦٤١، ومسلم ٤/ ١٩٨٠ ح ٢٥٥٤.
(٣) سورة محمد الآية ٢٢ (٢) {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}
(٤) أخرجه مسلم ٤/ ١٩٨٢ ح ٢٥٥٨، والإمام أحمد ٢/ ٣٠٠ ح ٧٩٧٩.