للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[متى حرم الربا]

قد كان تحريم الربا قديما وقد ذكر الله تحريمه على اليهود حيث يقول سبحانه: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (١) {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} (٢).

إلا أن العلامة القرطبي (٣) يرى أن المراد بالربا المذكور في حق اليهود عموم الكسب المحرم ولم يرد به خصوص الربا الذي حكم بتحريمه علينا، وإنما أراد المال الحرام كما قال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (٤) يعني به المال الحرام من الرشا وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (٥) وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب، وكان الربا معروفا في الجاهلية عند العرب، وقد ذكره الله تعالى في " سورة الروم " وهي مكية نزلت قبل الهجرة ببضع سنين مقرونا بذمة ومدح الزكاة وذلك قبل فرض الزكاة كما في قوله تع الى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (٦)، وقد جاء في السور المكية بيان أصول الواجبات والمحرمات بوجه إجمالي كما في هذه الآية، ثم قال تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٧) ثم نزلت آيات " سورة البقرة " المشتملة على الوعيد الشديد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل (٨) ويستمر تحريمه إلى يوم القيامة.


(١) سورة النساء الآية ١٦٠
(٢) سورة النساء الآية ١٦١
(٣) تفسير القرطبي ص٣٤٨ ج ٣.
(٤) سورة المائدة الآية ٤٢
(٥) سورة آل عمران الآية ٧٥
(٦) سورة الروم الآية ٣٩
(٧) سورة آل عمران الآية ١٣٠
(٨) الربا والمعاملات في الإسلام ص٥٧ - ٥٨ بتصرف.