للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - الحكمة في تحريم الربا:

يلخص العلامة ابن حجر الهيتمي في كتاب الزواجر (١) تلك الحكمة في النقاط التالية:

١ - انتهاك حرمة مال المسلم بأخذ الزائد من غير عوض.

٢ - الإضرار بالفقير لأن الغالب غنى المقرض وفقر المستقرض فلو مكن الغني من أخذ أكثر من المثل أضر بالفقير.

٣ - انقطاع المعروف والإحسان الذي في القرض؛ إذ لو حل درهم بدرهمين ما سمح أحد بإعطاء درهم بمثله.

٤ - تعطل المكاسب والتجارات والحرف والصناعات التي لا تنتظم مصالح العالم إلا بها؛ إذ من يحصل درهمين بدرهم كيف يتجشم مشقة كسب أو تجارة.

إن الله سبحانه وتعالى يشرع لعباده ما يربيهم على التراحم والتعاطف، وأن يكون كل منهم عونا للآخر لا سيما عند شدة الحاجة إليه، ولذلك حرم عليهم الربا الذي هو استغلال ضرورة إخوانهم وأحل البيع الذي لا يختص الربح فيه بأكل الغني الواجد مال الفقير الفاقد، كما أن الله تعالى جعل طريق تعامل الناس في معايشهم قائما على أن يكون استفادة كل واحد من الآخر في مقابل عمل يقوم به نحوه أو عين يدفعها إليه، والربا خال عن ذلك؛ لأنه عبارة عن إعطاء المال مضاعفا من طرف لآخر بدون مقابلة من عين ولا عمل.

إن إباحة الربا مفسدة من أكبر المفاسد للأخلاق وشئون الاجتماع تزيد أطماع الناس وتجعلهم ماديين لا هم لهم إلا الاستكثار من الأموال من غير أن يستفيد منها مجتمعهم (٢).

ففي الغالب لا يخضع للزيادة الربوية إلا معدم محتاج إذا رأى أن الدائن يؤخر مطالبته ويصبر عليه بزيادة يبذلها تكلف بذل هذه الزيادة ليفتدي بها من أسر المطالبة


(١) ص١٨٠ ج ١.
(٢) تفسير المنار ص١٠٨ - ١١٢ ج ٣.