للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهاده]

[في غزوة بدر الكبرى]

خرج المسلمون من المدينة إلى موقع (بدر) يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة الثانية الهجرية (١)، وكانت إبل المسلمين سبعين بعيرا، فكانوا يتعاقبون عليها: البعير بين الرجلين والثلاثة والأربعة، فكان بين أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بعير يعتقبونه (٢) قال عبد الرحمن: «عبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بليل، فصفنا، فأصبحنا ونحن علي صفوفنا وبينما أنا واقف في الصف يوم بدر، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما. فغمزني أحدهما فقال: يا عم! أتعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أنبئت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لو رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. وغمزني الآخر، فقال مثلها، فلم ألبث أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت: ألا تريان! هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. قال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا. فنظر في السيفين فقال: كلاكما قتله (٥)».

وقد استشهد هذان البطلان الصغيران في بدر، وهما ابنا عفراء، عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري ومعوذ بن الحارث الخزرجي الأنصاري


(١) طبقات ابن سعد ٢/ ١٢.
(٢) مغازي الواقدي (١/ ٢٤)، والدرر (١١١)، وجوامع السيرة (١٠٨)، وابن الأثير (١/ ١١٨).
(٣) الاستبصار (١٥٦)
(٤) مغازي الواقدي (١/ ٨٨). (٣)
(٥) السواد: الشخص أو الشبح (٤)