للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

أ - قال الشافعي في الأم (حد قاطع الطريق):

قال الشافعي - رحمه الله - قال الله - تبارك وتعالى -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} (١) الآية. قال الشافعي أخبرنا إبراهيم (٢) عن صالح مولى التوأمة (٣) عن ابن عباس في قطاع الطريق: إذا قتلوا وأخذوا المال: قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يصلبوا المال: قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا: قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا هربوا: طلبوا حتى يوجدوا فتقام عليهم الحدود، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا: نفوا من الأرض.

(قال الشافعي): وبهذا نقول: وهو موافق معنى كتاب الله - تبارك وتعالى -، وذلك أن الحدود إنما نزلت فيمن أسلم، فأما أهل الشرك فلا حدود فيهم إلا القتل أو السباء والجزية، واختلاف حدودهم باختلاف أفعالهم على ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما إن شاء الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (٤) فمن تاب قبل أن يقدر عليه سقط حق الله عنه وأخذ بحقوق بني آدم، ولا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ قيمة ربع دينار فصاعدا قياسا على السنة في السارق.

(قال الشافعي) - رحمه الله -: والمحاربون الذين هذه حدودهم: القوم يعرضون بالسلاح للقوم حتى يغصبوهم مجاهرة في الصحاري والطرق، (قال): رأى ذلك في ديار أهل البادية وفي القرى سواء، إن لم يكن من كان في المصر أعظم ذنبا فحدودهم واحدة، فإذا عرض اللصوص لجماعة أو واحد مكابرة بسلاح فاختلف أفعال المعارضين فكان منهم من قتل وأخذ المال، ومنهم من قتل ولم يأخذ مالا، ومنهم من أخذ مالا ولم يقتل، ومنهم من كثر الجماعة وهيب، ومنهم من كان ردا للصوص يتقوون بمكانه، أقيمت عليهم الحدود باختلاف أفعالهم على ما وصفت وينظر إلى من قتل منهم وأخذ مالا، فيقتله ويصلبه وأحب إلي أن يبدأ بقتله قبل صلبه؛ لأن في صلبه وقتله على الخشبة تعذيبا له يشبه المثلة، وقد قال غيري: يصلب ثم يطعن فيقتل، وإذا قتل ولم يأخذ مالا قتل ودفع إلي أوليائه فيدفنوه أو يدفنه غيرهم، ومن أخذ مالا ولم يقتل قطعت يده اليمنى ثم حسمت ثم رجله


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) هو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، قال ابن حجر في التقريب: متروك.
(٣) هو ابن نبهان المدني، قال ابن حجر في التقريب: صدوق اختلط بأخرة.
(٤) سورة المائدة الآية ٣٤