للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعا- من غرر بصبي أو صبية وانتهك العرض كان محاربا في نظر مالك وجماعة، ويقام عليه حد الحرابة على التفصيل الذي تقدم؛ لأن هذا نوع من الغيلة وهي داخلة في الحرابة عندهم.

ومن لم يعتبر هذا غيلة أو لم يجعل الغيلة داخلة في الحرابة، أي أنه يعاقب بما تقتضيه جريمته من حد أو تعزير.

خامسا: الخمر والمخدرات:

إن الله تعالى قد كرم الإنسان بالعقل وميزه به عن الحيوان، وجعله مناط التكليف بالعقائد والعبادات والمعاملات، وصلح به أن يكون خليفة في الأرض يدير شئونها، ويدبر أمورها بما شرع الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله، فينتظم بها العمران وتطيب فيها الحياة.

وإن الخمر تؤثر في العقل، وتخل بتوازنه، بل تذهب بإدراكه وتفكيره فيفقد الإنسان بذلك ميزته، ومصدر سعادته، ويصير مثار شر على نفسه، وخطر على مجتمعه دينا ودنيا، فإن السكران تنعكس في نفسه مقاييس الأمور، فيحسب الخير شرا والمعروف منكرا، وتسول له نفسه الاعتداء على النفوس والأموال، والعبث بالأعراض، ولا وزن لديه لآداب ومكارم الأخلاق، وبذلك تسود الفوضى في الأمة، وينتشر فيها الاضطراب، ويختل الأمن، ويداخل النفوس القلق، وعدم الاطمئنان، وليس إدمان المخدرات بأقل خطرا من شرب الخمر، بل ربما كان إدمانها أشد ضررا على من ابتلي بها. وأسوأ عاقبة في مجتمعه في الدنيا والدين.

لذلك حرم الإسلام تناول الخمر وكل مخدر، وشرع فيها الحد أو التعزير؛ تأديبا لمتعاطيها، وراحة لغيره، وحماية للمجتمع من خطرها، وتطهيرا له من رجسها، ومحافظة على أمن الأمة واطمئنانها، وعلى سلامتها في دينها، وصحتها وعرضها ومالها، فعلى ولاة الأمور من العلماء والحكام أن يقوموا بواجبهم في ذلك بيانا وإرشادا أو دعوة ونصحا، وتنفيذا للعقوبة حدا أو تعزيرا، قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١).


(١) سورة الحديد الآية ٢٥