للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا هو المنهج القرآني في بيان الصفات (١).

وهو عز وجل يريد أن يعرف عباده به بنفسه إذ لا سبيل إلى معرفة ذلك إلا عن طريقه عز وجل وحده.

وفي هذا التعريف بيان لعظمته وقدرته وغناه وكماله ورحمته ومغفرته رحمته وعزته وعلمه وحكمته.

كما فيه بيان لمحبته وبغضه ورضاه وغضبه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وأنه يفعل ما يريد ويخلق ما يشاء ويختار وأنه إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون. . إلى غير ذلك من صفاته سبحانه وتعالى.

وقد توهم بعض المنتسبين إلى الإسلام أن إثبات هذه الصفات لله عز وجل يوهم التشبيه من حيث إنها أوصاف مشتركة بين الخالق والمخلوق.

وهذا من ضلال فهمهم وسقم تفكيرهم، إذ لا يلزم من الاشتراك في الاسم الاشتراك في المسمى، ولا من الاشتراك في الصفة التماثل في الموصوف، وإذا كان من المعلوم بالضرورة، أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود، ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه واتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ولا في غيره، فلا يقول عاقل: إذا قيل: إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود - إن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود لأنه ليس في الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذي يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق. وإذا قيل: هذا موجود وهذا موجود فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره مع أن الاسم حقيقة في كل منهما وليس مجازا.

ولهذا سمى الله نفسه بأسماء، وسمى صفاته بأسماء، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره.

وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت


(١) ولو حسبت آيات الإثبات لزادت على ألف آية مع أن آيات النفي لا تبلغ خمسين آية.