للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموت إلى دخول الجنة، وأن يكونوا كلهم معي في عليين في جوار النبي عليه الصلاة والسلام. فقال لي عليه الصلاة والسلام: ضمنت لهم ضمانة لا تنقطع حتى يجاورني أنت وهم في عليين) (١).

وكتابه المعروف بـ (جواهر المعاني) كله أو جله مؤلف من مثل هذا الكلام العاري عن أي حقيقة، ولكن عامة الناس تصدق وتؤمن بهذا الكتاب أكثر من إيمانهم بالأحاديث الصحاح في الصحيحين وغيرهما.

وبهذه الدعاية انتشرت الطريقة التيجانية في القارة الأفريقية وما جاورها أكثر من غيرها، لأن من علم مثل هذه الوعود والضمانات المروية عن رسول الله وهو لا يفرق بين الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله وبين الأحاديث الصحيحة، بل يصدق كل ما قيل فيه (قال رسول الله) من علم مثل هذه الضمانات، وهو بهذه المثابة لا يتردد في الانخراط في الطريقة التيجانية ويتلوث بوثنيتها ويتلطخ بدم شركها وتشبيهها حيث يشبه الله بملك له أعوان يدبرون أمر مملكته، وليس عليه إلا الموافقة والتصديق على تدبيرهم لأنه لا يعلم من أمر الرعية الشيء الكثير إلا بواسطة هؤلاء الأعوان.

هكذا تشبه الصوفية رب العالمين - الذي لا تخفى عليه خافية - بمخلوق ضعيف لا يعلم الكثير والكثير من أمور رعيته إلا بواسطة غيره.

وبهذا التشبيه والتضليل يوهمون العوام بأن الجنة بأيديهم وأنهم يستطيعون إعطاء الوعد لأتباعهم بالجنة والرسول يضمن لهم أن يكون مشايخ الصوفية في جواره مع أتباعهم.

وأتباع التيجاني في الغالب جهال كسائر الدراوشة، ولو كانوا يعلمون ما جاء في السنة من موقف رسول الله من أقاربه وما قال لهم عندما أنزل عليه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٢) حيث جمع صلى الله عليه وسلم عشيرته فخص وعم وقال فيما قال: «يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا (٣)». وما جاء في هذا المعنى من نصوص الكتاب والسنة التي تقضي بأن الأمر كله لله وحده، وأما الأنبياء والصالحون فليس لهم من الأمر من شيء، فإنهم لا يملكون أن يعدوا أحدا بدخول الجنة. وقد سأل صحابي كان


(١) جواهر المعاني في فيض التيجاني ص ٩٧.
(٢) سورة الشعراء الآية ٢١٤
(٣) صحيح مسلم الإيمان (٢٠٥)، سنن الترمذي الزهد (٢٣١٠)، سنن النسائي الوصايا (٣٦٤٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٣٦).