للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو حركة إسلامية، قام بها المجاهدون. كما دار في ساحة الفكر الفرنسي في مطلع الاحتلال الفرنسي لأفريقيا، جدل فكري حول " الخطر الإسلامي " كما عبر زعماء السلطات الاستعمارية من أمثال مانجان mangin وأرشينارد، ARCHINARD وماج MAGE عن وجوب وقف الزحف الإسلامي التلقائي في أفريقيا، بينما جادل مفكرون آخرون بأن الإسلام ليس خطرا، بل هو أهم الظواهر الفكرية والحضارية القائمة في غرب أفريقيا، وأن على فرنسا أن تتعامل معه على هذا الأساس، وتظهر هذه الآراء المعتدلة من خلال تنظيم إدارة الشئون الإسلامية والصحراوية MUSULMANES ET SAHARIENNE SERVICE DES ASFFAIRES التي أسست في باريس عام ١٩٠٠، والمتمثل في إدارة الشئون الإسلامية التي أسست في داكار عام ١٩٥٦. ولقد كانت فرنسا أسرع من بريطانيا في إنشاء هذه الإدارات كسبا لود المسلمين في المستوطنات، فلم تعرف بريطانيا تأسيس مثل هذه الإدارات، ولا خبرت ساحة الفكر البريطانية مناقشات عن الإسلام من أمثال مناقشات روبيرت أرنود ROBERT ARNOUDE "، ولوشاتيلييه E CHATELIER، وبول مارتي BAUl MARTY وغيرهم. وقد اقترح بونتي BONTY الذي كان حاكما عاما للممتلكات الفرنسية عام ١٩٠٨ تطبيق سياسة الفصل بين الطوائف بحيث لا يجوز لحاكم أفريقي مسلم حتى ولو كان معينا من قبل السلطات الفرنسية أن يتحكم في أفريقي غير مسلم (١)، كما طالب بعدم تشجيع استخدام اللغة العربية في المراسلات الرسمية، لأن استخدام اللغة العربية يعطي الفرصة للمسلمين وحدهم لتولي الوظائف. أما كلوزال CLOZEL حاكم السودان الغربي، وفيما بعد الحاكم العام لغرب أفريقيا الفرنسية، فقد طالب بتدعيم المذهب الفيتشي Fetichicme الوثني فكريا وسياسيا ليقف في وجه الإسلام الزاحف، وإلى تقنين الشعائر الوثنية الأفريقية التي تمارسها القبائل الوثنية، مثل قبائل بامبارا، ومالتكي، وبوبو، ورفعها إلى درجة الديانات القومية الأفريقية (٢). غير أن كل هذه المحاولات المعادية للإسلام على حد رأي جويللي Gouilly انتهت بتدعيم جبهة الإسلام فقد تبين للفرنسيين أن تصوير الإسلام على أنه خطر يهدد المصالح الفرنسية كان وهما مبالغا فيه من جانب المتطرفين، وبدأت الاتصالات مع المسلمين من أجل إقامة جسور الصداقة. فقد اكتشف الفرنسيون أن الزنوج المسلمين أكثر تهذيبا ورقة من الزنوج المسيحيين أو الوثنيين، ولا يعادون المسيحية. وكل ما يرجونه هو العيش في


(١) ١٨ - J. Brevie، Islamisme Contre Naturalisme au Soudan Francaise، Paris، ١٩٢٣، p. ٢٥٧.
(٢) ١٩ - Gouilly، ١'Islam، p. ٢٥٤.