للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣) - أخبار قرآنية تتصل بالنسيان:

(أ) - مريم عليها السلام، وقد اختارها ربها موضعا لآيته؛ ونفخ فيها من روحه، وأحست بحكم نوازعها البشرية بكثير من الأسى، ورأت في الأمر محنة لها، إذ كيف يعلم الناس بحقيقة موقفها وبراءة ساحتها!! لذا كانت أمنيتها على الله تعبيرا عن مدى الألم الذي أحاط بها، تمنت أن قد كانت في عالم الموتى، ومحيت من ذاكرة الناس قبل أن تعيش هذه المأساة (كما تراها) يقول تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} (١).

(ب) - وفي حديث القرآن الكريم عن عجل السامري الذي فتن به بنو إسرائيل على أساس أنه رمز للإله ارتضاه لهم موسى، لكنه ذهب إلى الموعد، ونسيه مع السامري، هكذا فهموا أو هكذا خدعهم المحتال الأثيم: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} (٢) (ج) - وفي موضع ثالث يحدثنا القرآن الكريم عن نسيان موسى عليه السلام وفتاه للحوت، وقد كان نسيانه أمارة، وميقاتا للالتقاء بالعبد الصالح، ولا يذكر أنه نسي إلا عندما يحل وقت الغداء، ويفتقد فتاه الحوت فلا يجده، ويتصور أن نسيانه من عمل الشيطان، ولكن موسى يكشف الحقيقة لفتاه، وأن ما حدث هو بغيتهما، وارتدا إلى مجمع البحرين، والتقيا بالعبد الصالح الذي وعد موسى بلقياه، يقول تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} (٣) {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (٤) {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} (٥).


(١) سورة مريم الآية ٢٣
(٢) سورة طه الآية ٨٨
(٣) سورة الكهف الآية ٦١
(٤) سورة الكهف الآية ٦٢
(٥) سورة الكهف الآية ٦٣