للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن الحقيقة التي ينبغي أن يذكرها الآثم أنه إن نسي فاستمرأ بالنسيان إثمه، فإن وراءه الرقيب الذي يحصي عليه ما قد نسيه، يقول تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (١).

(ب) - نسيان يوم القيامة:

يوم القيامة الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، حيث يجد كل إنسان طائره في عنقه، ويقرأ بنفسه صحائف أعماله، ويرى بعينه مصيره، وهو اليوم الحق، حيت يفصل فيه بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون، وينتهي أمر الباطل إلى جحيم، وينعم المتقون في دار النعيم.

وقد عني القرآن الكريم بعرض مشاهد شتى من ذلك اليوم، وطالما كان المؤمن على ذكر لذلك اليوم سيتخذ منه حافزا يدفعه إلى الخير، وينأى به عن الضلال، ويثبته على طريق الهداية.

ولذا نجد في أكثر من آية في كتاب الله دعوة إلى اتقاء ذلك اليوم، وما فيه من أهوال وبلاء، وإذا نسي الإنسان ذلك اليوم فلم يعمل له حسابه فنسيانه بادرة إلى الانحراف الذي ينتهي بالإنسان إلى ضلال.

وها هو موقف الناس ليوم القيامة يعرضه القرآن الكريم في عدة صور.

يقول تعالى عن الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، وغرهم ما في دنياهم من زخرف ومتاع: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (٢) فجزاؤهم عند الله إذن إهمال ووبال؛ لأنهم نسوا يوم القيامة فلم يقدموا في دنياهم عملا ينفعهم، والهوى يهوي بصاحبه ويضله فينسيه يوم الجزاء بما يقدم له من شواغل صارفة، يقول تعالى في نصح نبيه داود عليه


(١) سورة المجادلة الآية ٦
(٢) سورة الأعراف الآية ٥١