للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسمية القرآن ذكرا فيه معنى الاسمية والوصفية، على السواء، غير أنه في بعض المواضع تغلب الاسمية، وفي بعضها تغلب الوصفية.

فالقرآن من أبرز صفاته أنه ذكر، وأن رسالته هي الذكر {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (١) ويقول تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (٢)، {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} (٣) فهو ليس ذكرا فحسب وإنما هو ذكر محكم يصيب كبد الحقيقة، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويقتحم القلب فيصيب الشغاف، قال تعالى: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٤) وهو ذكر مبارك تسمو به حياة الناس، وينمو في طريق الخير مجتمعهم {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} (٥).

ورسالة الذكر في القرآن تعم الوجود كله، ففي أكثر من آية يقول رب العالمين عن كتابه: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} (٦) يوسف، ص، التكوير، الأنعام {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} (٧)، ومع عمومها تخص العرب بذواتهم، يقول تعالى ممتنا على النبي وقومه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (٨)، كما يقول: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} (٩) ولفظ لدنا: فيه إكبار لهذا الذكر أي إكبار، ولذا ينتقد القرآن انصرافهم عنه، وإعراضهم عن هديه {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} (١٠)


(١) سورة يس الآية ٦٩
(٢) سورة ص الآية ١
(٣) سورة آل عمران الآية ٥٨
(٤) سورة الزمر الآية ٢٣
(٥) سورة الأنبياء الآية ٥٠
(٦) سورة يوسف الآية ١٠٤
(٧) سورة القلم الآية ٥٢
(٨) سورة الزخرف الآية ٤٤
(٩) سورة طه الآية ٩٩
(١٠) سورة الأعراف الآية ٦٣