للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي المسند وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ثم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم (١)» وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (٢)» وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بتحجب النساء ولزومهن البيوت وحذر من التبرج والخضوع بالقول للرجال صيانة لهن عن الفساد وتحذيرا لهن من أسباب الفتنة فقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (٣) {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٤) الآية.

نهى سبحانه في هذه الآيات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وهو تليين القول وترقيقه لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك وأمر بلزومهن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة، عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن. ويدل على عموم الحكم لهن


(١) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٤٧)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٣٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٦).
(٢) صحيح مسلم الإيمان (٤٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٩)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٤).
(٣) سورة الأحزاب الآية ٣٢
(٤) سورة الأحزاب الآية ٣٣