للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأنكم الليلة ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها (١)». وفي رواية «وذلك في رمضان (٢)» ووجه الدلالة من هذا أنه صلى الله عليه وسلم أدى صلاة الليل في رمضان إماما بجماعة مدة ثلاث ليال حتى بلغوا من الكثرة ما جعل المسجد يكتظ بالمأمومين. وما منعه صلى الله عليه وسلم من ترك مواصلة هذه السنة إلا الرأفة بالأمة وخوف المشقة عليها حيث صرح صلى الله عليه وسلم بهذا بقوله: «لكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها (٣)» قال ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث ندب قيام الليل ولا سيما في رمضان جماعة لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب كما يتضح من الحديث الآتي، الذي رواه البخاري عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون: يعني آخر الليل. وكان الناس يقومون أوله. ولمالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة (٤). وجه الدلالة من جمع عمر الناس مع إمام واحد على سنية التراويح: إقرار الصحابة رضي الله عنهم لهذا العمل، بل وامتثالهم له دون معارض فدل على استحبابه. يوضح هذا ما نقله ابن حجر عن ابن


(١) صحيح البخاري صلاة التراويح (٢٠١٢)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦١)، سنن أبو داود الصلاة (١٣٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٦٨)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٥٠).
(٢) صحيح البخاري الجمعة (١١٢٩)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦١)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٠٤)، سنن أبو داود الصلاة (١٣٧٣)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٥٠).
(٣) صحيح البخاري صلاة التراويح (٢٠١٢)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٦٩).
(٤) نيل الأوطار ٦٠/ ٣.