للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمبالغة في الاستنقاء بدعة محدثة لم ينزل الله بها من سلطان.

٣ - التلفظ بالنية:

ومن البدع التي يقع فيها بعض المسلمين التلفظ بالنية، وهذا أمر لا يشرع إلا في الإحرام خاصة؛ لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الصلاة والطواف وغيرهما فينبغي عدم التلفظ في شيء بالنية، فلا يقال: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا نويت أن أطوف كذا، بل التلفظ بذلك من البدع المحدثة، والجهر بذلك أقبح وأشد إثما، ولو كان التلفظ بالنية مشروعا؛ لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم وأوضحه للأمة بفعله أو قوله، ولسبق إليه السلف الصالح. فلما لم ينتقل ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم؛ علم أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (١)». رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

والنية محلها القلب باتفاق العلماء، فإن نوى بقلبه ولم يتكلم بلسانه أجزأته النية باتفاقهم، وقد خرج بعض أصحاب الشافعي وجها من كلام الشافعي غلط فيه على الشافعي؛ فإن الشافعي إنما ذكر الفرق بين الصلاة والإحرام بأن الصلاة في أولها كلام فظن بعض الغالطين أنه أراد التكلم بالنية وإنما أراد التكبير. والنية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله فلا بد أن ينويه ضرورة، فمن عرف هذا تبين له أن النية مع العلم في غاية اليسر، لا تحتاج إلى وسوسة وآصار وأغلال؛ ولهذا قال بعض العلماء: الوسوسة إنما تحصل للعبد من الجهل بالشرع أو خبل بالعقل (٢). اهـ.


(١) انظر: التحقيق والإيضاح لمسائل الحج والعمرة للشيخ عبد العزيز بن باز.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٦٢/ ١٨.