للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعصف بالأمة في أودية من الخلاف، الذي ما إن ينشب بمخلب واحد حتى يمزق الأمة، كما حصل في عهود الخلاف والتفرق.

أولم يكن الصديق رضي الله عنه صاحب الموقف الأول ذلك الموقف الإيجابي البديع حين ترامى إلى مسامع الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بكت على وفاته السماء والأرض، وقال قائلهم: إنه لم يمت. وهدد آخر بقوله: من قال إن محمدا مات فلأفعلن به ولأفعلن. فقال الصديق رضي الله عنه: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وتلا قوله تعالى رضي الله عنه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (١).

وما إن استقر أمر الخلافة حتى واجهتهم المهمة الشاقة باتساع الفتوحات، وامتداد نفوذ المسلمين إلى ما وراء الجزيرة إلى مصر والشام وفارس والعراق حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وانضوت أمم وشعوب مختلفة تحت راية الإسلام، ولا بد أن لهذه الشعوب من العادات والأعراف والنظم الاجتماعية والاقتصادية وسائر أمور تعاملهم في الحياة ما هو غريب على عهد المسلمين الذين فتح الله على أيديهم هذه الأمصار والأقاليم.

فتطلب الأمر من المجتهدين البحث عن أحكام شرعية لتلك الأمور حتى يقام منهج الله، وغني عن القول أنه لم ينص على أشخاص الحوادث لا في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة، فكان لزاما عليهم


(١) سورة آل عمران الآية ١٤٤