للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - ما يندرج تحته الشرط الجزائي من أنواع الشروط التي تشترط في عقود المعاملات أو إجارة أو نحو ذلك مع بيان وجه الاندراج

نستعرض فيما تحت هذا العنوان ما ورد من الأحاديث والآثار في الشروط المقترنة بالعقود من حيث الجملة، وما ذكره بعض العلماء في تفسيرها وما بنوه عليها من تقسيم الشروط إلى قسمين: شروط صحيحة وشروط فاسدة، وما وضعوه من الضوابط لكل منهما؛ ليتسنى معرفة ما يندرج تحته الشرط الجزائي من هذه الضوابط، وما يلتحق به من المسائل التي يشبهها وأدرجوها تحتها أو جعلوها أمثلة شارحة لها.

روى البخاري في صحيحه تحت باب " ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله ": عن عروة «أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن بريرة جاءت تستفتيها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا. فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت. فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: " ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق. قال: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق (١)»، وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أرادت عائشة رضي الله عنها أن تشتري جارية لتعتقها فقال أهلها: على أن ولاءها لنا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: «لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق (٢)».

* * *

قال: ابن حجر في الفتح: قوله: "باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله" جمع في هذه الترجمة بين حكمين، وكأنه فسر الأول بالثاني، وأن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله، وسيأتي في كتاب الشروط أن المراد بما ليس في كتاب الله ما خالف كتاب الله. وقال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا حكمه؛ من كتابه أو سنة رسوله أو إجماع الأمة. وقال ابن خزيمة ليس في كتاب الله أي ليس في كتاب الله جوازه أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل؛ لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ويشترط في الثمن شروطا من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك، فلا يبطل، قال النووي: قال العلماء: الشروط في البيع أقسام:


(١) صحيح البخاري كتاب العتق (٢٥٦١)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٢) صحيح البخاري كتاب البيوع (٢١٦٩)، سنن النسائي البيوع (٤٦٤٤).