للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمكننا أن نعتبر كتاب البغدادي "الفرق بين الفرق" في الاتجاه نفسه؛ لأنه يظهر باطل معتقداتهم، ويذيل ببيان عقيدة أهل السنة والجماعة (توفي ٤٢٩هـ).

فإذا انتقلنا إلى عصر شيخ الإسلام ابن تيمية أعني القرنين السابع والثامن الهجريين، وجدنا لشيخ الإسلام ولابن القيم ولتلاميذهما من بعدهما حشدا هائلا من المصنفات في خدمة عقيدة السلف.

وقد استمر هذا الاتجاه حتى العصر الحاضر حيث مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن تتلمذ على هذه المدرسة كما هو واضح في الرسالة المسماة "نجاة الخلف في اعتقاد السلف" - للشيخ أحمد بن عثمان بن قائد النجدي (١٠٩٧هـ).

وهذا الحشد الهائل من المصنفات التي تمثل اتجاها يعنى بيان عقيدة السلف الصالح يوحي بسؤال مؤداه: لماذا كل هذا الاهتمام بعقيدة السلف، وهي موجودة في الكتاب والسنة؟ وبلفظ آخر: ما هي البواعث التي أدت إلى وجود هذا الاتجاه ظاهرا في تاريخ الفكر الإسلامي؟

للإجابة على هذا السؤال نقول: لا بد أن ندرك أن مرحلتين تتشابهان إلى حد كبير مر بهما الفكر الإسلامي، فكانت الظروف في المرحلتين باعثة على هذا الاهتمام بعقيدة السلف الصالح، ولا بد للأمر من بيان المرحلتين، يسبقهما تحديد لمصطلح السلف والخلف.