للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول ابن تيمية: فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك عنهم من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة.

والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة، ومن أهل الحديث والتصوف، وأهل الكلام كالأشعري وغيره، فصار مذهب السلف مقبولا بإجماع الطوائف وبالتواتر، لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع (١).

ثم يقول: " فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف، ولهذا قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

ويقرر شيخ الإسلام في موضع آخر أن هناك اتفاقا بين أهل السنة والجماعة من جميع الطرق على أن خير القرون ما ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة من علم وعمل، وإيمان وعقل، ودين وبيان،. . . كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم؛ فإنهم كانوا على الهدي المستقيم. . . ". وما أحسن ما قاله الشافعي - رضي الله عنه - في رسالته: " هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل، وكل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا. . . . . . ".

فإن عامة ما عند السلف من العلم والإيمان هو ما استفادوه من نبيهم


(١) الفتاوى ٤/ ١٥٢.
(٢) الفتاوى ٤/ ١٥٥.