للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: سواء جاءت المعالجة بهذه الصورة أو تلك أو غيرهما، فإن المؤكد أن القرآن قد بين (أن الإيمان بإله واحد له صفات الكمال والجلال لا شريك له في ملكه، ولا نظير له في الخلق والإيجاد والتأثير والتقدير، هو الذي يتفق مع ما نشاهده ونلاحظه من دقة ونظام في هذا الكون الذي يجري على سنن ثابتة وقوانين مطردة لا تختل ولا تتخلف) (١).

وكما اهتم القرآن بإرساء الأصل وهو التوحيد عقيدة الإنسان حين لم تنحرف فطرته، اهتم كذلك بمحاربة الانحراف الذي حدث عند بعض الأقوام عن هذا الأصل معيدا الناس إليه: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٢): {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٣). وبنفس المنهج يدحض فرية الشركاء والمشركين في كثير من الآيات، والقرآن في إرسائه أصل العقيدة التوحيد يربط بين هذا الاعتقاد والعمل المرتبط به كمظهر عملي للتوحيد الذي يمثل أساس البناء ومنهج الحركة في الحياة (٤)، نقرأ مثلا قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} (٥)، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٦) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (٧).

والتذكير بهذه الحقيقة يظهر أثر الفرق فيما جد على الناس من جدل واختلاف كفر البعض فيه من ليس على فكرهم، ذلك أن اهتمام القرآن


(١) د. عبد الحميد مدكور / مذكرات في علم الكلام / ٢٨. (دار العلوم ١٩٧٦).
(٢) سورة النحل الآية ٥١
(٣) سورة المائدة الآية ٧٣
(٤) مدكور / مذكرات في علم الكلام / ٣٩.
(٥) سورة فصلت الآية ٦
(٦) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٧) سورة الأنعام الآية ١٦٣