للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر. فمن أبصر هذا اعتبر. وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.

والرؤية حق لأهل الجنة. بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (١) {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٢). وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد. لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا. ولا متوهمين بأهوائنا. فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه. ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام. فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه. حجبه مرامه عن خالص التوحيد. وصافي المعرفة. وصحيح الإيمان، فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب. والإقرار والإنكار. موسوسا تائها شاكا، لا مؤمنا مصدقا، ولا جاحدا مكذبا.

ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية- بترك التأويل ولزوم التسليم وعليه دين المسلمين ومن لم يتوق النفي والتشبيه. زل ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية. منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية. وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.


(١) سورة القيامة الآية ٢٢
(٢) سورة القيامة الآية ٢٣