للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهما حصن حصين وحرز متين لمن وفقه الله تعالى ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالبعد عن البدع والخرافات التي ابتدعها المبتدعون وأحدثها المحدثون وروجها المبطلون وأكلة أموال الناس بالباطل من دعاة النحل المختلفة والطرق المتشعبة التي ليست من الإسلام في شيء وقد ذم الله تلك الطرق المنحرفة الكثيرة التي جعلت المسلمين شيعا وأحزابا وشتتت شملهم وجعلتهم لقمة سائغة لأعدائهم لا لقلة عددهم وعدتهم وإنما نتيجة لتمزق شملهم وتفرق كلمتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: «توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها) قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: (بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل (١)». ومما لا شك فيه أنه لا شيء أعظم فسادا للدين وأشد تقويضا لبنيانه وأكثر تفريقا لشمل الأمة من البدع فهي تفتك به فتك الذئب بالغنم وتنخر فيه نخر السوس في الحب وتسري في كيانه سريان السرطان في الدم أو النار في الهشيم.

ولهذا جاءت النصوص الكثيرة تبالغ في التحذير منها وتكشف عن سوء عواقبها من التفرق والاختلاف في الدنيا والعذاب والخزي وسواد الوجوه في الآخرة، قال تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٢) {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (٣) {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٤) قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة.

وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (٥)


(١) رواه أبو داود في " الملاحم " بهذا المعنى.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٥
(٣) سورة آل عمران الآية ١٠٦
(٤) سورة آل عمران الآية ١٠٧
(٥) سورة الأنعام الآية ١٥٩