للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة وأنا أول شافع وأول مشفع (١)». ونحن لا نلوم العامة الذين يفعلون مثل هذه الأمور وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ولكن اللوم يوجه إلى العلماء المنتسبين إلى العلم، أولئك الذين يعرفون طريق الحق ولكنهم يحيدون عنها، ولا ينكرون أن الاتباع أولى من الابتداع، ولكنهم يتجاهلون هذا الحق الذي لا يجادل فيه، فكيف يجهل هؤلاء أن حقيقة الحفاوة بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، تتركز في اتباع ما جاء به، وإحياء سنته، وأن هذه الذكرى الطيبة ليست مؤقتة بزمن وليست محددة بشهر ربيع الأول، بل ينبغي أن نحييها ونحتفي بها في كل لحظة من لحظات حياتنا وفي كل بقعة حللنا بها وذلك باتباع سنته والسير على نهجها، وما أظن أن مسلما يجهل أن الاحتفال بفكرة " المولد النبوي " أو غير ذلك من الموالد فكرة مبتدعة جاءتنا- متأخرة، وفيها تشبه باليهود والنصارى الذين لا يعرفون من الدين إلا الاحتفالات على رأس السنة بعيد ميلاد المسيح -عليه السلام- أو غيره من الذي دس عليهم وليس من دينهم. ونحن قد قلدناهم في هذا العمل كما قلدناهم في أمور كثيرة وهذا بلا شك مصداق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه). قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فمن (٢)»، متفق عليه.

وقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على أمته فقال: «لا تجعلوا قبري عيدا (٣)»، والعيد اسم لكل ما يعود ويتكرر أي لا تخصصوا لقبري يوما بعينه تعودونه فيه، فمن خصص يوما من السنة كالثاني عشر من ربيع


(١) رواه مسلم في (الفضائل).
(٢) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦)، صحيح مسلم العلم (٢٦٦٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٨٤).
(٣) رواه أبو داود في "المناسك"، باب زيارة القبور.