للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما بعد فقد قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه (١)».

وإن من أعظم ما يضر بالفرد والجماعات ويفسد أخلاقهم المكاسب المحرمة كالربا ونحوه، فخطورتها عظيمة، وضررها جسيم. ولذا حرم سبحانه وتعالى الربا أشد تحريم وجعله من الكبائر ومن السبع الموبقات. وجعل آكله والمعين عليه أخذا وإعطاءا في الإثم والعقوبة سواء، وكذا حرم سبحانه وتعالى ما هو شبيه به من المكاسب كحلوان الكاهن وأجرة الزانية والمغني والنائحة ونحو ذلك، ومن المعلوم أن استباحة الأموال بمثل هذه المكاسب المحرمة من أعظم الذنوب والخطايا. وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالتوبة من الذنوب والمعاصي والإقلاع عنها والرجوع إليه سبحانه في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان فقال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٢) {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٣).

وبما أن الربا من أعظم الذنوب وأكبرها بعد الشرك بالله ومن السبع الموبقات فتجب المبادرة بالتوبة إلى الله منه على من كان يتعاطاه ويتعامل به، كما تجب المبادرة بالتوبة إلى الله على كل من كان يتعاطى أمثاله من


(١) من حديث رواه البخاري ومسلم.
(٢) سورة النساء الآية ١٧
(٣) سورة النساء الآية ١٨