للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الشيوخ وسواء على مذهب مالك كان ذلك يسيرا أو كثيرا؛ لأنه ساوى في ذلك بين الزعفران واللبن والمسك قليله وكثيره. وخالفه ابن القاسم فلم ير أن يتصدق من ذلك إلا بما كان يسيرا. وذلك إذا كان هو الذي غشه، وأما من وجد عنده شيء من ذلك مغشوش لم يغشه هو إنما اشتراه أو وهب له، أو ورثه فلا خلاف في أنه لا يتصدق بشيء من ذلك. وممن أفتى بجواز إتلاف المغشوش من الثياب ابن القطان قال في الملاحف الرديئة النسج تحرق بالنار، وأفتى ابن عتاب فيها بالتصدق، وقال تقطع خرقا وتعطى للمساكين إذا تقدم إلى مستعمليها فلم ينتهوا، وكذلك أفتى بإعطاء الخبز المغشوش للمساكين فأنكر عليه ابن القطان وقال لا يحل هذا في مال امرئ مسلم إلا بإذنه.

قال القاضي أبو الأصبغ: وهذا اضطراب في جوابه وتناقض في قوله لأن جوابه في الملاحف بإحراقها بالنار أشد من إعطاء هذا الخبز للمساكين، وابن عتاب أضبط في أصله ذلك، وأتبع لقوله.

وإذا لم ير ولي الأمر عقوبة الغاش بالصدقة أو الإتلاف فلا بد أن يمنع وصول الضرر إلى الناس بذلك الغش. إما بإزالة الغش، وإما ببيع المغشوش ممن يعلم أنه مغشوش ولا يغشه على غيره.

قال عبد الملك بن حبيب، قلت لمطرف وابن الماجشون لما نهينا عن التصدق بالمغشوش لرواية أشهب فما وجه الصواب عندكما فيمن غش أو نقص من الوزن؟

قالا: يعاقب بالضرب والحبس والإخراج من السوق، وما كثر من الخبز واللبن، أو غش من المسك والزعفران فلا يفرق ولا ينهب. قال عبد الملك بن حبيب: ولا يرده الإمام إليه وليؤمن ببيعه عليه من يأمن أن يغش به، ويكسر الخبز إذا كثر، ويسلمه لصاحبه، ويباع عليه